التكافؤ بين الشريكين في الحياة الزوجية

التكافؤ بين الشريكين في الحياة الزوجية

لا شك في أن الزواج يمثل مرحلة مهمة و خطيرة في حياة الفرد, إذا ما قرر
خوضها و الدخول فيها, حيث أن تأثير هذه المرحلة سيمتد حتماً فيما بعد,
ليؤثر على جميع جوانب حياته كالإجتماعية والنفسية والجوانب الآخرى, لذا قبل
بلوغ هذه الخطوة و العزم على تنفيذها, يتوجب على الفرد التأني و حسن
التدبر عند اختيار شريك الحياة, و ليس اختيار مجرد زوج\ زوجة, فكل إنسان
يُصلح لأن يكون زوج\ زوجة, و لكن ليس بالضرورة يُصلح لأن يكون شريك حياة.
فالفرق الوحيد و الأهم بينهما هو مدى إدراك شريك الحياة لأهمية العلاقة
الزوجية, و حرصه التام على الحفاظ عليها, و على استمراريتها, مهما بلغت
ظروف الحياة من صعوبات و عقبات, لذا فأحد الأسباب المهمة التي يجب أن يحرص
الشريكان على وجودها بينهما للإبقاء على نجاح العلاقة الزوجية هو التكافؤ, و
قد يتمثل التكافؤ بين الزوجين في عدة أنواع منها:


التكافؤ الإجتماعي:
يجب على الفرد أن يعي أهمية التكافؤ الإجتماعي في حياته الزوجية, حيث أنه
كلما اقتربت طبقات الشريكين الإجتماعية, كلما كانت لهما نظرة واحدة للأمور,
و كلما كانت الفجوة بينهما قليلة يمكن تداركها, أو قد تكون منعدمة من
الأساس, و كلما كانت أيضاً عاداتهما و تقاليدهما متشابهة بدرجة كبيرة –إذا
فرضنا أنهما من نفس المجتمع-, و من ثم سيكون من السهل عليهما الوصول
بعلاقتهما و حياتهما المشتركة إلى الطريق الصحيح, حتى تكون على نحو أفضل.


التكافؤ المادي:
و يتحقق ذلك عندما يدرك و يتفهم الشريكان أهمية دورهما في حياة بعضهما
البعض, فالشراكة ليست فقط في الإجتماعيات كزوج و زوجة, و لكن أيضاً في تحمل
أعباء الحياة معاً كشخص واحد لا اثنين. و من خلال توافقهما المادي, سيتسنى
لكل فرد القيام بدور الداعم و المساعد في حياة الآخر, و ستصبح أولويتهما
المشتركة في العلاقة بينهما, هي العمل على رقي مستوى حياتهما الإجتماعية
لتوفير سبل الراحة لهما, من أجل استمرار شراكتهما بصورة أفضل, و من أجل
أبنائهما فيما بعد.



التكافؤ النفسي:
يجب على كل شخص إدراك حقيقة أن لكل فرد منا احتياجاته النفسية, التي قد
تتشابه بين بعض الأشخاص و تختلف من شخص لآخر. لذا يجب على كل فرد قبل أن
يفكر بالإرتباط بآخر من خلال الزواج, أن يفهم طبيعة احتياجاته هو النفسية و
العاطفية التي يحتاج إليها, و يبحث عنها في شريك العلاقة, فاذا كان هذا
الشريك على استعداد لمنحه احتياجاته العاطفية و النفسية, و لديه القدرة على
تلبيتها, أو على الأقل يمكنه المحاولة من أجل ذلك, عندها سيكون هو الشخص
الصحيح الذي يطلق عليه حقاً شريك الحياة, حيث أن شريك الحياة هو من يدرك و
يتفهم حقيقة أن لكل إنسان مشاعره و انفعالاته الخاصة, بل و يحترم ذلك في
الشخص الآخر, و يعطي أولوية لذلك في العلاقة, للحفاظ على استمرارية رباطهما
المقدس, لا أن يسخر من احتياجاته و يهملها, فتتولد الفجوة العاطفية التي
تتسع مع الوقت, لتنهي العلاقة بينهما.





التكافؤ الثقافي:
يعتبر التكافؤ الثقافي أهم من التكافؤ العلمي, لأنه ما أكثر المتعلمين دون
أدنى وعي ثقافي, و ما أكثر المثقفين رغم ما مروا به من ظروف صعبة حرمتهم من
حقهم في التعليم, كما أنه إذا ما وجد التكافؤ الثقافي في العلاقة ستُفتح
أبواب كثيرة للحوار و التفاهم و مشاركة الأراء بين الزوجين بطريقة أكثر
عقلانية, و مهما اختلفت نسبة الثقافة من شخص لآخر, يجب أن تقترب بين شريكي
العلاقة, و أن يكونا على نفس درجة الوعي بما يحدث حولهما.





التكافؤ العملي:
و في هذه الحالة يجب أن يحترم كل فرد أهمية العمل بالنسبة لشريكه, فلا يطلب
منه التخلي عن عمله أو تركه دون سبب واضح و مقنع, لأن هذا بمثابة تنازل من
الفرد نفسه عن أحلامه و عن هويته التي عاهدها عليه شريكه. فيجب على كل طرف
في العلاقة أن يحترم قرارات الطرف الآخر العملية, بل و يعينه عليها, و يقف
بجانبه دائماً فيما يمر به من صعاب خلال حياته العملية, حتى يصبح كل فرد
مصدراً لفخرالآخر. و لن يتحقق ذلك إلا عندما يدرك المرء أهمية و ضرورة
العمل في حياته. و كلما كانت درجة الحياة العملية بين الطرفين متكافئة,
كلما أصبحت جوانب حياتهما معاً تسير على درجة عالية من التوافق و الإحترام
المتبادل.


لذا يجب على كل إنسان أن يؤمن بأهمية التكافؤ بجميع أنواعه في الحياة
الزوجية, و ضرورته في إبقاء العلاقة مستمرة لأطول أمد, قبل حتى أن يفكر في
قرار الزواج من شخص آخر. فالمعنى الصحيح للزواج, هو تقبل شريك العلاقة بكل
ما هو عليه, دون محاولة من الآخر لتغيير نظرته في مبادئه و معتقداته و عمله
و ثقافته, و حتى في مشاعره, إلا إذا كان هذا بقرار نابع منه هو شخصياً و
ليس مفروضاً عليه باسم الزواج. فالزواج علاقة أسمى و أهم من أن تؤثر عليها
أنانية أحد الشريكين أو عدم إحترام أحدهما للآخر.