المشاركة والتعاون بين الزوجين

المشاركة والتعاون بين الزوجين

تعتبر المشاركة الحياتية بين الزوجين أحد الدعائم التي تبنى و ترتكز عليها
علاقة زواج ناجحة و طويلة الأمد. فيجب على كل زوج و زوجة أن يدركا تلك
الحقيقة و يتفهما أهميتها في قوة العلاقة بينهما. فعلى كل فرد أن يستوعب
جيداً أهمية وجوده في حياة شريكه, و مدى تأثيره, و تأثير ما يقدمه للشريك
في نجاح هذه العلاقة و الإبقاء عليها مستمرة. و يحدث ذلك بتقديم الفرد كافة
أشكال الدعم, كالمعنوي و الإجتماعي و المادي و العملي لشريكه. حيث عندما
يدرك الزوجان ضرورة و حتمية وجود كل منهما في حياة الآخر, سيعملان على
إعلاء كلمة المشاركة الحياتية في علاقتهما الزوجية, و قد تمتد المشاركة
الزوجية لتشمل جميع جوانب حياتهما معاً كالجانب المعنوي, و الجانب
الإجتماعي, و أيضاً المادي و العملي, فمثلاً:
المشاركة المعنوية:
تحدث المشاركة المعنوية بمساندة كل منهما للآخر, فالفرد في حياة شريكه ليس
فقط زوجاً بل أخاً و صديقاً أيضاً, لذا يجب على كل منهما تقديم الدعم
النفسي للآخر كلما إحتاج إلى ذلك, سواء طلبه منه أو شعر بحاجته إلى ذلك دون
كلام. فبالمشاركة النفسية و التضامن المعنوى, يمكن لكل منهما أن يتخطى
مشكلاته و ظروفه الصعبة و العقبات التي قد يمر بها في حياته اليومية.
فعندما يضعف أحدهما و لا يقوى على تحمل ما يجابهه من صعاب, يجب على الفرد
الآخر أن يقوى و يظهر بالمظهر القوى أمامه, حتى و إن كان ضعيفاً من الداخل,
و لكنه مضطر ليأخذ بيد شريكه و يعيده قوياً من جديد, قادر على تخطي صعابه,
كما أن هذه المشاركة ستوطد علاقة الحب و المودة بينهما.
المشاركة الإجتماعية:
يعد هذا النوع من المشاركة ترجمة فعلية للمشاركة المعنوية و النفسية في
العلاقة الزوجية. حيث يجب على كل شخص أن يدرك أهمية شريكه في حياته, و
يحترم كينونته و وجوده. فبالزواج يصبح الزوجان أهم شخصين في حياة بعضهما
البعض. لذا يجب أن يعي كل منهما ذلك, و أن يقدم مشاركته الإجتماعية للآخر,
فيظهر معه في المناسبات العامة, و يسانده كلما وقف أمام الناس. و يعينه على
ما يمر به من مواقف إجتماعية يصعب عليه فيها القيام بها وحده. فالزواج
الناجح يعمل على تحرر الفردين في علاقاتهما بالناس و المجتمع, فيزداد
إقبالها على الحياة و إرتباطها بالناس و توسعهما بالعلاقات الإجتماعية بشكل
أكبر.
المشاركة المادية:
لا يستطيع أحد إنكار حقيقة أن لكل علاقة زواج مشاكلها و مصاعبها التي ستمر
بها لا محالة, و قد تكون هذه هي الإختبار الأمثل لمدى قوة هذه العلاقة و
ترابطها. و من ضمن هذه المصاعب, ما تمر به الحياة الزوجية من أزمات مادية و
مالية, قد يصعب على طرفي العلاقة تخطي مثل هذه الأزمات, بل و قد ينتهي
الزواج في كثير من الأحيان, إذا لم تتواجد المشاركة المادية بين الزوجين.
فيجب على كل فرد أن يعرف ما عليه من واجبات قبل أن يطالب بما له من حقوق,
ويعتبر هذا النوع من المشاركة واجب على كل زوجين. فبمساعدتهما المادية خلال
علاقتهما, سيمكنهما تخطي ما قد يتعرضان له من صعاب و أزمات مالية, قد تحول
في مكنونها بين زواجهما و استمراريته. و بعيداً عن المشكلات, سيمكنهما
أيضاً بناء حياة كريمة لهما و لأبنائهما في المستقبل, و الإنتقال بحياتهما
من مستوى إجتماعي معين لمستوى إجتماعي آخر أعلى و أكثر رقياً.


الجانب العملي:
من الطبيعي أن يكون لكل شخص في المجتمع إهتماماته و طموحاته الخاصة, التي
يعمل من أجلها و يسعى لتحقيقها. لذا سيكون أيضاً من الطبيعي أن يساند كل
منا شريك حياته في تحقيق أحلامه و نجاحاته العلمية و العملية, بل و يعينه
عليها و على ما قد يطيل طريق الوصول عليه, و يجعل منه مصدراً للفخر به أمام
الجميع. و عليه أيضاً أن يأخذ بيده و يقدم إليه كافة سبل الدعم, حتى يضمن
تفوقه, و يحجز له مكاناً في عالم النجاح. فكما هي العادة, إذا ما أراد
أحدهم النجاح, عليه أن يستقبل السقطات و الفشل بصدرٍ رحب و ألا ييأس
بسهولة, لذا على شريك الحياة بكل ما تحمله الكلمة من معنى, أن يكون هو
المصدر الأهم الذي يستمد منه الفرد تفاؤله و مثابرته, ليعاود نجاحاته من
جديد.


تختلف أنواع المشاركات في أي علاقة زواج, فقد تزداد من علاقة لأخرى, و
قد ينقص نوع منها في واحدة من العلاقات دون أخرى. و لكن ما لا يختلف أبداً
هو, ما يمثله الشخص في حياة شريكه, فهو الوحيد الذي يجب عليه أن يقوم بدور
اليد المنقذة و المساعدة, التي ستأخذ بيده دائماً في ظروف حياته المختلفة,
في صعابه قبل نجاحاته, و في مرضه قبل صحته, و في فقره قبل ثرائه, حيث أن
الزواج ليس مجرد ليلة زفاف, و حفلة عرس, و فسان أبيض, و عروسين. فالزواج هو
مشاركة فردين في بناء حياة مشتركة أولاً و أخيراً.