أسباب إرتفاع نسب الزواج المبكر

أسباب إرتفاع نسب الزواج المبكر

كثيراً ما يثار الجدل حول قضية الزواج المبكر و زواج القاصرات في المجتمعات
العربية و بعض الدول الإفريقية و الأسيوية, بل و أيضاً الأوروبية, نظراً
لإنتشار الأعراف و التقاليد و الظروف العصيبة في هذه المجتمعات, والتي تحتم
على الفتاة الزواج منذ صغرها, فتحرمها من قضاء مرحلة طفولتها كمثيلاته من
الفتيات الصغيرات. فتتشوه الفتاة نفسياً و تتأذى إجتماعياً, و يزج بها داخل
مرحلة صعبة كانت هي أبعد ما يكون عنها, لتتحمل مشاق ما يلقى على كاهليها
من مسؤوليات, فيعجز عودها الصغير على الإستقامة من بعدها, لتصبح ضحية صغيرة
لهذه المجتمعات. و لا نستبعد أبداً, أن تنجب هذ الضحية غيرها من الفتيات,
ليزداد سلسال ضحايا الزواج المبكر, إذا لم تعالج أسباب حدوثه و انتشاره. و
قد تتمثل بعض هذه الأسباب في:
العادات و التقاليد:
تنتشر في المجتمعات التي تدعم ظاهرة الزواج المبكر, الكثير من الأعراف و
العادات الخاطئة, و التي يتم تربية و تنشئة الفتيات و الصبيان على أثرها, و
كأن الزواج هو نهاية المطاف, و هو المصير الأوحد للجميع, و لابد و أن
يتعرض كل شخص لهذه المرحلة في حياته, و أن الفتيات لم يخلقن إلا للزواج,
مهما بلغن من علم و تقدم, حتماً سيكون مصيرهن الزواج. و لهذه الأسباب
يعتقدون بأن زواجهن المبكر هو الحل الأمثل لهن, طالما نهاية الفتاة الحتمية
ستؤول إلى الزواج.
الفقر:
و قد يكون انتشار الفقر في المجتمع, و وجود الأزمات المالية, و ظروف
المعيشة الصعبة سبباً من أسباب الزواج المبكر. حيث يرى الأهالي الذين
يعانون من الفقر في بناتهن فرصة, يمكنهم إغتنامها. فكما تجري العادة في هذه
المجتمعات, بأن يدفع العريس مبلغاً من المال مهراً للزواج من العروس. لذا
تقوم الأهالي الفقيرة, بتزويج بناتهن طمعاً في هذه الأموال, التي قد تغنيهم
و تحسن من أحوالهم المادية لبعض الوقت, الذي قد يطول أو يقصر. و لكن
السؤال الأهم ما الذي ينتظر الفتاة المجني عليها بالزواج المبكر؟ و كيف
ستستمر حياة أهلها بعد أن ينتهي ما تقاضوه من أموال مقابل حرية إبنتهم؟
بالتأكيد لن ينتظر الفتاة سوى المشقة و العناء في حياتها الجديدة, فهي تخطت
مرحلة الطفولة بسرعة البرق لمرحلة الزواج. أما بالنسبة لأهلها, بالتأكيد
سيبحثون عن حل آخر يجني عليهم مالاً كتزويج ابنة أخرى لهم.و لكن السؤال
الأصعب فعلاً, كيف ستكون هي الحياة لدى هذه العائلة إذا عادت لهم ابنتهم
القاصرة من جديد و هي مطلقة و أم في ذات الوقت؟!!
إبتعاد الفتاة عن التعليم:
من الممكن أيضاً أن يكون أحد أسباب انتشار الزواج المبكر, هو عدم توافر
فرصة التعليم للفتاة, أو رغبتها هي في عدم تكملة مراحلها التعليمية. فيجد
الأهل في ذلك سبباً مقنعاً للتعجيل بزواج ابنتهم, اعتقاداً منهم أنها لن
تنفع في شئ آخر كما لم تنفع في التعليم, سوى في الزواج الذي خلقت هي من
أجله. و كأن الفتاة لم تخلق إلا لتكون زوجة. فحتى لم يفكروا في إعطاء فرصة
أخرى لها, لتعيد إكتشاف نفسها من جديد, ربما كانت ستنجح في عمل ما, أو في
موهبة ما, دون زواجها في هذه المرحلة العمرية المبكرة.
فكر الشباب الخاطئ:
هناك الكثير من الإعتقادات الخاطئة في ذهن الشباب بخصوص الإرتباط و الزواج,
و من بين هذه الإعتقادات, أن يظن بعض الشباب أن علاقة الزواج الناجحة,
تكون بتطبع الزوجة بطبع زوجها و صفاته. لذا فيجد الشاب أن بارتباطه زوجياً
من فتاة قاصر, يمكنه تشكيل شخصيتها كما يحلو له, لتطاوعه و توافقه في كل
شئ, دون معارضة أو رفض. فبالزواج المبكر للفتاة, يصبح الزوج لها كل شئ,
لدرجة أنها لن ترى الحياة إلا من خلال عينيه هو.
تنشئة الفتاة على فكرة الزواج:
منذ صغرها و تعمل الكثير من المجتمعات على تنشئة الفتاة و تربيتها على أنها
بمجرد أن تنضج و تكبر, ستصبح عروس جميلة في فستان عرسها, و سيقام لها حفلة
زفاف كبيرة, لتتزوج من فارس أحلامها. حتى تتلخص كل أحلام الفتاة الصغيرة
في يوم زفافها, وكيف ستكون عروس جميلة, فتبتعد عن حياتها الواقعية بكل ما
فيها من أشياء كثيرة يمكن للفتاة القيام بها قبل الزواج, كنجاحها في
التعليم, و امتهانها لفرصة عمل مناسبة لها, أو حتى تحقيق كل ما يخطر على
بالها من طموح و أحلام. و لكن للأسف و نتيجة لهذه التنشئة الخاطئة, لا ترى
الفتاة أمامها سوى الزواج, لدرجة أنها تكون في قمة سعادتها بدخول أول رجل
للبيت لطلبها للزواج.إلى جانب هذه الأسباب, ما زال هناك الكثير, و الذي
يؤثر سلباً على حياة القاصرات, ليحرم كل فتاة من حريتها و يمنعها من العيش
بسعادة و طفولة, و نتيجة لهذه الأسباب ترتفع نسب الزواج المبكر تبعاً لما
تقوله الإحصائيات و الدراسات الإجتماعية.