الأسباب الدافعة لحدوث العنف الأسري

الأسباب الدافعة لحدوث العنف الأسري

تُعد مشكلة العنف الأسري من
أكبر المشكلات الإجتماعية التي تواجه السيدات و الأطفال داخل الكثير من
المجتمعات العربية منها و الأجنبية. فقد يحدث جراء هذه الحوادث العنيفة ما
يؤثر بالسلب على السيدات و مستقبل أطفالهن. كما أن معدل الجريمة و الإنتحار
في تزايد مستمر, نتيجة لما تعانيه المرأة داخل هذه المجتمعات من عنف بالغ
الأثر, فآثار العنف داخل المرأة تمتد من كونها آثار جسدية و جروح بدنية إلى
كونها آثار نفسية و تشوهات في شخصية المرأة, لا يمكن علاجها بسهولة, و لا
يمكن القضاء عليها بمجرد طلب العفو و السماح, حيث أن العنف لا يرد إلا
بقرار عنيف مواجه له. و هناك العديد من الأسباب التي قد تدفع الرجل إلى أن
يمارس العنف على أهل بيته, و سنحاول في هذا المقال سرد بعض من هذه الأسباب:

الزواج المبكر:


قد يكون للزواج المبكر دور هام في انتشار حالات العنف المنزلي, نتيجة
لفرق العمر بين الزوج و زوجته, و الذي قد يزيد ليصل إلى عشرات السنين. و في
هذه الحالة , سيفقد الزواج الكثير من عوامل نجاحه, لأن بمنتهى البساطة بعد
فترة وجيزة من الزواج, سيكتشف الزوج أن هذه الفتاة الصغيرة الملقبة
بزوجته, ليست كفء على الإطلاق و لا أهلاً للزواج, حتى تتحمل مسؤوليات أكبر
من قدرة تحملها الصغيرة. فهي ما زالت الطفلة البسيطة ذات الأحلام و الألعاب
الصغيرة. و عندئذٍ لا يجد الزوج مفر من إهانة زوجته الصغيرة بشكل دائم, و
بحثه عن إمرأة أخرى بالغة تتفهم إحتياجاته. حتى تتحول حياة الطفلة البائسة
إلى نوع من أنواع العذاب, فلا تلقى من زوجها سوى الإهانة و العنف.



المخدرات:


مثلما تقضي المخدرات على حياة الشباب النفسية و الشخصية, فهي تقضي أيضاً
على حياته الإجتماعية, و علاقاته بكل من هم حوله, حتى زوجته و أطفاله. فمن
الممكن أن ينعرضوا منه للعنف و الإيذاء الجسدي و المعنوي, كلما كان هذا
الشاب في حالة من عدم الإتزان و تحت تأثير المخدر, هذا في حالة الأثر قصير
المدى. أما بمرور الوقت, ستنتهي حياة الشخص تماماً- ما لم يجد من يأخذ
بيده- مما يؤدي ذلك إلى القضاء على زوجته و أبنائه أيضاً. فبعيشهم معه,
حياتهم ستكون أكثر عرضة للعنف و الخطر.



عدم التوافق:


بما أن الحياة الزوجية الناجحة يجب أن تبنى على أساس المشاركة, سيكون من
الطبيعي إذا باءت بالفشل, و هُددت بالإنتهاء, نتيجة فقدها لأهم عامل من
عوامل نجاح العلاقات الزوجية. فعدم التوافق أو الوفاق بين الزوجين يمثل
أيضاً أحد أسباب العنف الأسري. فقد يؤدي عدم التوافق بين الزوجين إلى كثرة
إختلافهما في الرأي, و تعارض نظرتهما للأمور, و التي قد تؤدي في كثير من
الأحيان إلى ضرب الزوج لزوجته, و ممارسة العنف عليها. و كلما كان المستوى
الإجتماعي للزوجين أقل, كلما كان معدل حدوث ظاهرة العنف الأسري و انتشارها
أعلى.



الضغوطات النفسية:


قد يكون عادياً أن تحدث المشكلات و الأزمات البسيطة بين الشريكين أثناء
فترة حياتهما الزوجية, و لكن لن يكون عادياً إذا تحولت هذه الأزمات إلى
ضغوطات نفسية تهدد أمن و إستقرار الأسرة, بل و تنذر بفشل هذه العلاقة و
انتهائها. ففي بعض الأحيان و نتيجة لهذه الضغوطات و المتاعب النفسية داخل
نفوس الزوجين, تؤدي إلى قيام الزوج بإهانة زوجته, و قد يتطور ذلك فيما بعد
إلى تعنيفها و ضربها. و قد يكون السبب في ذلك هو زيادة إلحاح الزوجة على
زوجها في أمر ما, أو حتى عدم تحمل الزوج لكثرة أعباء الحياة الواقعة على
كاهليه. أياً كان السبب, هذا لا يبرر أبداً فعلة هذا الزوج بزوجته.



ضعف الشخصية:


قد يتعرض الزوج ضعيف الشخصية في كثير من الأحيان إلى مواقف يتضح فيها
ضعفه و قلة حيلته, كمشكلاته الإجتماعية أو حتى مشكلاته في العمل, حتى أنه
لا يجد في زوجته إلا وسيلة لتفريغ كل ما نتج بداخله من مشكلات نفسية و
إحراج و ضعف. فيبدأ في إهانتها و تعنيفها, حتى يعوض ما بداخله من نقص, و
لكي يشعر بقوته المزيفة التي يصنعها فقط أثناء ضربه و تعنيفه لزوجته, و
التي لا تدوم سوى للحظات.





هذه بعض الأسباب التي قد تؤدي لحدوث و انتشار ظاهرة العنف الأسري في
الكثيرمن المجتمعات. و بالرغم من أن هذه الظاهرة مرتبطة في أذهاننا بتعنيف
الرجل لزوجته, إلا أنه في كثير من الأحيان قد تشمل في مضمونها على ضرب الأب
لأطفاله أيضاً, و ممارسة كافة أنواع التعذيب عليهم. و في الآونة الأخيرة,
نجد أن الأم أيضاً تلعب دوراً في تعنيف أطفالها الصغار, حتى أنها قد تتسبب
في وفاتهم. مهما كانت أسباب العنف الأسري, و مهما كانت أشكاله و أساليبه,
فهو مرفوض تماماً و منافي للقيم الأخلاقية, و لإحترام آدمية الإنسان.



alt="Share" data-image="41" style="data-image:41px" />