الآثار التي يخلفها العنف داخل الأسرة

الآثار التي يخلفها العنف داخل الأسرة

تنتشر ظاهرة العنف الأسري
في المجتمعات العربية و الغربية بصورة كبيرة, و نستطيع أن نلمس ذلك بوضوح
من خلال ما تخلفه هذه الظاهرة من آثار سلبية كبيرة, كما تقول الدراسات و
الإحصائيات الإجتماعية. و كما هناك العديد من الأسباب التي تؤدي إلى تفشي
هذه الظاهرة داخل مجتمعاتنا, هناك أيضاً الكثير من الآثار المادية و
المعنوية التي تحدثها و تترك بصمتها من خلالها داخل هذه الأسر التي تتعرض
لهذه الظاهرة, و في نفوس كل السيدات المعنفات, و الأطفال الصغار سواء ممن
يعانون من العنف, أو مما يرونه في علاقة والديهما الغير سوية. و من هذه
الآثار التي تخلفها ظاهرة العنف الأسرى ما يلي:

تفكك الأسرة:

مع كثرة المشاكل و الخلافات بين الزوج و الزوجة, و تفاقمها الذي
سيؤدي فيما بعد إلى قيام الرجل بتعنيف زوجته سواء كان ذلك أمام أطفالهما
أو دون دراية منهم. و الذي سيؤدي ذلك بدوره إلى تزعزع الأركان التي كانت
ترتكز عليها هذه الأسرة, لتنشأ الفجوة الكبيرة في العلاقة بين الزوج و
الزوجة, حتى أنها تتسرب لتصل إلى نفوس أبنائهما دون شعورهما. و بالرغم من
ذلك قد لا تطلب الزوجة الطلاق نتيجة لعدة أسباب كخوفها على مستقبل أولادها و
مصيرهم, أو لعدم إمتلاكها للمال الذي سيساعدها في بناء حياة جديدة لها و
لأطفالها, أو حتى لخوفها من زوجها المعنِّف.

إرتفاع معدلات الطلاق:

بالتأكيد أن الكثير منا يلاحظ ارتفاع معدلات الطلاق في الفترة
الأخيرة, حتى أنها فاقت معدلات السنوات السابقة. و يرجع أحد الأسباب في ذلك
إلى رفض المرأة التام للعنف الواقع عليها و على أطفالها من قبل الزوج,
فإنفصالها عن مثل هذا الزوج يعد بمثابة شجاعة منها, حيث أنها بطلبها الطلاق
يعني ذلك أنها تواجه وحشية هذا الزوج لتحافظ على ما تبقى منها من شخصية و
حالة نفسية دون تشوه, و لتحمي مستقبل أبنائها من العيش في مثل هذه الظروف
البائسة و الخطيرة في نفس الوقت و مع هذا الأب.

ضعف شخصية الأبناء:

من المتعارف عليه و الموروث في أعرافنا أن الإنسان يكبر على ما
نشأ و تربى عليه. فإذا نشأ على إستيعابه و فهمه لمعنى الكرامة و الكبرياء,
من المستحيل أن يتواجد ما يمنعه من العيش كريماً ذو كبرياء, مهما عصفت به
الحياة بمشاكلها و ازماتها. و لكن إذا ترعرع الطفل على أن ضرب والده
لوالدته أمر طبيعي, و تعنيفه لها بالشئ العادي الذي يحدث دائماً بين
الزوجين. سيكبر على ذلك بل و سيسمح لكل من يتولى أمره سواء في حياته أو في
عمله بأن يتعدى حدوده الأخلاقية معه, حتى تُلغى شخصيته و كرامته مع الوقت.
حتى أن إبنة المرأة المعنفة, ستظن ان العنف هو أمر طبيعي في الزواج, و
فيما بعد ستحسب أن ما تعانيه مع زوجها من عنف و تحملها له, هو من واجبات
الزوجة تجاه زوجها.

عدم إحترام المرأة:

و في حالة إن قبلت المرأة بما تتعرض له من إهانة و ضرب و عنف
جسدي و نفسي, بحجة أن هذا الطبيعي بين الزوج و الزوجة, أو لأنها تخشى أن
تصبح مطلقة, خاصةً في مجتمعاتنا العربية, و التي تنظر إلى المطلقة نظرة
دونية, و كأنها مخطئة. أو قد يكون خوف المرأة على حياة أطفالها بعد
الإنفصال عن أبيهم, سبباً في تقبلها لما يمارس عليها من عنف. و لكنها لا
تعلم أن بذلك التهاون في حق آدميتها, تشوه صورتها أمام أبنائها بشكل خاص, و
صورة المرأة بشكل عام. فيمتنع الأطفال عن إحترامهم لأمهم, بل و يستحقرونها
و يستحقروا كل إمرأة أخرى, و ينظروا للمرأة على أنها مخلوق ضعيف لا حول له
و لا قوة, خلق لخدمة الرجل. و سيتضح ذلك من خلال تصرفاتهم و سلوكهم فيما
بعد من كل النساء و بالتحديد زوجاتهم.

إرتفاع معدل جرائم القتل و الإنتحار:

إذا قمنا بمتابعة الأخبار و الصحف أو حتى الدراسات المجتمعية و
الإحصائيات, سيتضح لنا أن معدل الجريمة في تزايد مستمر, سواء القتل أو
الإنتحار. فقد يحدث القتل, عندما يقوم الزوج بالقضاء على زوجته و أبنائه,
كنتيجة محتمل حدوثها بسبب العنف الأسري, أو بقتل الزوجة لزوجها, لتتخلص من
كل ما تعانيه من بؤس و عذاب معه. أما بالنسبة للإنتحار, فيحدث عندما تسد
كل الأبواب أمام الزوجة المعنفة, فلا تجد بد من إنهاء حياتها و قتل نفسها,
حتى تتخلص من هذه الحياة التعيسة, و من العنف الذي تتعرض له بإستمرار.

هذه بعض الآثار السلبية التي قد تنتج عن انتشار العنف الأسري و
المنزلي داخل المجتمعات المختلفة, و لكن بالتأكيد ما زال هناك الكثير من
النتائج التي يخلفها العنف الأسري الممارس على المرأة, و أيضاً ما زال هناك
الكثير من النساء اللاتي زهدن الحياة و يرغبن في الموت نتيجة لهذا النوع و
العنف, و بالتأكيد ما زال هناك آخريات تمكن من مواجهة هذه الظاهرة الموحشة
بكل شجاعة و إقدام, حفاظاً على حياتهن و كرامتهن, و أطفالهن.